علو الهمة ـ علامة كمال العقل
خلق الله البشر وجعل لكل منهم همة وإرادة فلا يخلو إنسان عن هم؛ ولذلك كان أصدق اسم يوصف به العبد أنه همام ومن هنا قال النبي - -: "...وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام.. ".
وجهة الصدق أن كل إنسان له إرادة وعنده اهتمام، كما قال المنذري: وإنما كان حارث وهمام أصدق الأسماء لأن الحارث الكاسب، والهمام الذي يهيم مرة بعد أخرى، وكل إنسان لا ينفيك عن هذين والله أعلم.
ولكن همم الناس تختلف بين علو وسفول وبين كبر وصغر وبين ضخامة ودناءة. وعلى قدر تفاوت الهمم والإرادات تتفاوت مقامات الخلق في الدنيا والآخرة. فأعلاهم همة أبلغهم لما يريد، وأكثرهم تحقيقا لما يطلب.
قيمة المرء على قدر همته:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "العامة تقول: قيمة كل امرئ ما يحسن، والخاصة تقول: قيمة كل امرئ ما يطلب". (يريد همته ومطلبه وقصده).
وإنما كان الأمر كذلك لأن الهمة طليعة الأعمال ومقدمتها.. قال أحد الصالحين: "همتك فاحفظها؛ فإن الهمة مقدمة الأشياء؛ فمن صلحت همته وصدق فيها صلح له ما وراء ذلك من العمل".
وعلامة كمال العقل ورجحانه علو همة صاحبه.. يقول ابن الجوزي: "من علامة كمال العقل علو الهمة، والراضي بالدون دنيء ولم أر في عيوب الناس عيبا.... كنقص القادرين على التمام"